علاج القلق الأكيد
دعونا نتأمل معًا من لوقا 12: 22-31

“وقال لتلاميذه: من أجل هذا أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم…” (لوقا 12: 22)
تفرض علينا الحياة يوميًا سلسلة من القرارات، بعضها بسيط مثل اختيار المطعم الذي سنتناول فيه وجبتنا أو نوع القهوة التي سنحتسيها، وبعضها أعمق ويتعلّق بمسار حياتنا الروحية. ففي كل لحظة، نقف أمام خيارات مصيرية: هل نطيع الله أم نستسلم للخطية؟ هل نتمسّك بالحق الإلهي أم ننخدع بأكاذيب إبليس؟ في إنجيل لوقا 12: 22-23 يقدّم لنا يسوع مبدأ آخر يوجّه حياتنا: لا تنشغلوا بالهموم اليومية ولا تقلقوا بشأن احتياجاتكم، بل ضعوا ثقتكم في الله الذي يعتني بكم ويملأ كل نقص. فالإيمان أقوى من القلق، والاتكال على الله يحرّرنا من أثقال الحياة. فلنغوص معًا في هذا التعليم لندرك لماذا الإيمان هو الخيار الأفضل، وكيف نستطيع أن نعيش حياة مطمئنة بين يديه.
لماذا الإيمان أفضل من القلق؟
علّم يسوع أن الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس (الآية 23). إنّ الطعام واللباس ذو أهمية ثانوية أمام هدفنا الحقيقي للوجود. لكن عندما نهتمّ بهما بقلق، نجعل منهما سببًا أساسيًا للوجود ونُحطّ من قيمة الحياة. حياتنا أفضل من الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة؛ فهي وُجِدَت لنتمتّع ونُمَجِّد الله (كولوسي 1: 16).
القلق يتجاهل تدابير الله وعنايته (الآيات 24، 27-28). إذا كان الله يهتمّ بالطيور، فكم بالحريّ يهتمّ بالناس؟ بينما يهتمّ الله بالحيوانات، إلا أنّ الإنسان وحده خُلق على صورته وأُعطي سلطانًا على باقي الخليقة (مزمور 8: 5-8). فإذا كان الله يهتمّ بالحيوانات، فلا شكّ أنه سيهتمّ بنا! القلق لا يحقّق أي أمر ذي أهمية (الآيتان 25-26)
.
ما هو سبب إختيارنا للقلق عوضًا عن الإيمان؟
إنه من السهل التركيز على حاجاتنا اليومية كبشر لأننا نجد صعوبة في الإيمان بأن الله مسيطر فعليًا. حيث قال المسيح آنذاك: “يا قليلي الإيمان” (الآية 28). إن كنا نشكّ بأن الله يهتمّ بنا، وحتى إن آمنّا أنه مسيطر، فقد نسأل أنفسنا إن كان سيستخدم سلطانه لصالحنا. وإن آمنا بأنه يهتمّ بنا، لكننا نشكّ في كونه مسيطرًا، فقد لا نشكّ في قصده الصالح، ولكننا نتساءل إن كان قادرًا على الاعتناء بنا. لذلك، علينا أن نؤمن بأن الله مسيطر تمامًا،كما أيضًا يحبنا. وهنا يأتي السؤال الأهم.
كيف نختار الإيمان بدلًا عن القلق؟
لم يقل يسوع: “يا عديمي الإيمان” بل قال: “يا قليلي الإيمان”. أن نكون قليلي الإيمان أمر متوقع على هذه الأرض حتى للمؤمنين. وحتى ترى المسيح، يجب أن ينمو إيمانك. لكن لا يمكنك أن تنمو بالإيمان فقط بالتركيز عليه؛ فالإيمان ينمو عندما تركّز على منبع الإيمان. يقول لنا يسوع إن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه. إذا اخترت الإيمان لا القلق، عليك أن تتذكّر من هو أبوك!
قبل أن نُصبح أولاد الله بالإيمان (يوحنا 8: 44)، وكنَا أبناء المعصية والهلاك (أفسس 2: 2-3). بالإيمان وبنعمة المسيح، تغيّر هذا الواقع. غُفرت خطايانا، وأصبحنا أولاد الله بالتبني (يوحنا 1: 11-12). وبما أن الله لم يشفق على ابنه الوحيد من أجلنا، فنحن نعلم أنه بالنعمة سيعطينا كل ما نحتاج إليه (رومية 8: 32).