أولويّة تقدُّم الإنجيل
دعونا نقرأ معًا من رسالة فيلبي الاصحاح الأول.
” ثمّ أريد أن تعلموا أيّها الإخوة أنّ أموري قد آلت أكثر إلى تقدّم الإنجيل،”فيلبي 1 : 12

هل لديك طموح تسعى إليه؟ ربما أن تَلعب رياضة معيّنة، أو تَنال منحة دراسية، أو تَتَزوج وتبني عائلة كبيرة. كثيرون يبدأون مسيرتهم نحو طموحاتهم بحماس وشغف، لكن سرعان ما يخبو ذلك الحماس وينسون ما بدأوا به. أما عندما نتأمل في حياة الرسول بولس، نكتشف طموحًا مختلفًا، طموحًا لم ينطفئ رغم كل الظروف. فقد رُجم، وتعرّض للضرب، وغرق في البحر، وسُجن ظلمًا، ومع ذلك ظل يكتب ويقول: «ولكن كنت محترصًا أن أبشّر هكذا: ليس حيث سُمّي المسيح، لئلاّ أبني على أساس لآخر» (رومية 15: 20).
شغف بولس المُستَمر كان أن يرى رسالة الخلاص تَتَقدّم في هذا العالم الضائع. وبينما نتأمل طموحه في تقدُّم الإنجيل، دعونا ننظر أيضًا إلى كيف أظهر هذا الشغف في رسالته إلى أهل فيلبي. (فيلبي 1).
تقدم الإنجيل أهم من راحتي (الآيات 12–14).
وبينما كان بولس تحت الإقامة الجبرية في روما، كتب قائلاً: «ثم أريد أن تعلموا أيها الإخوة، أن أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل» (فيلبي 1: 12).
رغم بُعده عن أحبائه، ورغم أن حياته كانت مهددة بالخطر، لم يَنشَغل بولس بالشكوى أو الدفاع عن نفسه. لم يقل: “سأرفع دعوى ضد الإمبراطورية الرومانية من أجل ظلمهم لي” أو “لن أتعافى أبدًا من هذا الأمر، ولن أبشّر مرّة أخرى”. بل كان أكثر ما يشغله أن يعرف المؤمنون أنّ الإنجيل يتقدّم حتى من خلال معاناته.
لقد صار سجنه فرصة للشهادة، حتى أنّ الحرس الروماني كانوا يعلمون جيدًا أنّ بولس مسجون بسبب إيمانه بمخلصه (فيلبي 1: 13). يُمكنُنا أن نتصور بولس فرحاً برؤية الحراس في السجن كفرصة تبشيرية له.

إن أردنا أن يكون لنا طموح مشابه لطموح بولس في تقدّم الإنجيل، علينا أن ندرك أن الله قد يسمح بانتشار الإنجيل من خلال ضيقاتنا (2 كورنثوس 4:7). فعندما ننظر إلى حياتنا من هذه الزاوية، تتحول حتى أعمق الآلام والتجارب الجسدية إلى فرص للشهادة للمسيح. لكن هذا يتطلب منّا أن نتكلم بالإنجيل بجرأة، لأن “الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله” (رومية 10:17). فالله يستخدم شهادتنا بالكلمة — حتى وسط ضعفنا — ليجذب النفوس إلى الخلاص.