ذئاب وسط الخراف
للتأمل بموضوعنا التالي نتمنّى أن تقرأ من متى 7
15 «احترزوا من الأنبياء الكذبة الّذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنّهم من داخل ذئاب خاطفة!””

في زمننا الحاضر، لم يعد الناس يحبّون سماع التحذيرات الروحية. فالعالم اليوم مهووس بالإيجابية والراحة النفسية، إلى درجة يتجنّب معها أي كلام قد يبدو صارمًا أو مزعجًا. لكن يسوع المسيح، الذي تكلّم بوعود مشجعة وكلمات مريحة للنفس، هو نفسه لم يتردد في إطلاق تحذيرات قوية وصريحة. ففي إنجيل متى 7: 15، ينبهنا قائلاً: «احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة».
قد يظن البعض أن النبي الكاذب هو مجرد شخص يُخطِئ في التنبؤ بالمستقبل، لكن هذا غير صحيح. فالأنبياء الكَذَبة ليسوا عرّافين، بل معلّمين كاذبين يقدّمون تعاليم مضلِّلة تخدع الناس وتبعدهم عن الحق. وهنا تكمن خطورتهم الحقيقية. لقد قدّم يسوع صورة بسيطة لكنها عميقة: الذئب المتنكّر في ثياب حمل. فمن طبيعة الذئب أن يفترس الخراف، وما يشير إليه المسيح هو خطر يُهدّد حياة المؤمنين.
ونجد في سفر إشعياء 11: 6 نبوة عن زمن مملكة المسيح، حين “يَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ”. هذا المشهد غير طبيعي من منظورنا، لكنه إعلان نبوي عن سلام المسيح الآتي، حيث يَتَحوَّل ما كان عداوة وصراعًا إلى انسجام وسلام. أما الآن، فنحن نعيش في عالم مليء بالمخاطر الروحية، ليس فقط من الشيطان وأجناد الشرّ، بل أيضًا من مُعلّمين كَذَبَة يَسعون جاهدين ليضلّوك عن الحق.
كيف يبدو المُعلّم الكذّاب؟

هو مُعلّم يَستهزئ بالكتاب المقدّس كأنه مجرد مجموعة أساطير. قد يكون أيضًا وسائل الإعلام التي تُشيد بكل ابتكار جنسي على أنه بطولي، وتُدين كل من يؤمن بتعريف كتابي للجنس والزواج. والأكثر تأثيرًا من ذلك كله، هو عالم الترفيه الذي يُصوّر المسيحيين على أنهم متعصبون، ويُصوّر من يسخرون من الله ويعتنقون الفجور على أنهم نماذج للرُقي.
شاهد أي مسلسل أو فيلم معاصر ولاحظ إن كان لا يحتوي على شخصية مثليّة مُتعاطِفة وشخصية مسيحيّة مُتعصّبة. غالبًا ما تصل إلى إدراك أن هناك أخطاء في معتقداتك الكتابيّة وتتخلى عنها في النهاية.
إنه مخطط شرير، عالمي و لكن للأسف هذا الأمر يُفلِح في زرع تلك الأكاذيب في عقول البشر.
المعلمون الكذبة يعملون من داخل الكنيسة أيضاً: عبارة “ذئاب في ثياب الحملان” هي صورةٌ بارعة تُستخدم دائمًا في عالمنا، حتى من قِبل مَن لا يَعرِفون الكتاب المقدس. ما يصفه يسوع هو العمل الخادع للمعلمين الكذبة. فإنهم لا يقتربون من الكنيسة بمخالبهم الممدودة وأنيابهم اللامعة. لو فعلوا ذلك، لكُنّا حرصنا على أنفسنا. بدلًا من ذلك، يتظاهرون بأنهم مُتديِّنون مِثلنا، وأخلاقيّون مثلنا، ومسيحيّون مثلنا. ثم، بعد أن يكسبوا ثقتنا، يقومون بعملهم التدميري – الإرهابي من الداخل!
هذا هو الهدف من تحذير الرسول بولس للمؤمنين في أفسس: لاني أعلم هذا: أنه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية. ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليَجتَذِبوا التلاميذ وراءهم.” ( أعمال 20 : 29 -30 )
