الوقت يمضي سريعا
للتأمل بموضوعنا التالي نشجعك لقراءة المزمور 90.
” مزمور 90 : 12 “إحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ

لا تزال ذكريات المدرسة والجامعة حاضرة في ذهني بوضوح، كأنها مشاهد من فيلم لا يبهت مع الزمن. أتذكّر تفاصيل المحادثات، وملامح الأحداث، وحتى بعض الروائح التي تعيدني فجأة إلى تلك الأيام. وكأنها وقعت بالأمس، رغم أن الزمن مضى بي حتى بلغت اليوم الثامنة والأربعين من عمري.
كبرتُ؟ نعم، ولم أعُد ذلك الشاب الذي كنتُه. اثنتان من بناتي الأربع تتابعان دراستهما الجامعية، وواحدة ما تزال على مقاعد المدرسة، أما ابنتي الكبرى فقد تزوّجت حديثًا. وربما أُصبحُ جَدّاً في السنوات القليلة المقبلة… فكرة تبدو لي أشبه بالجنون! فأنا لا أزال أشعر في داخلي أنني شاب، لم يُثقّلني الزمن بعد… لكن الحقيقة تقول غير ذلك؛ لم أعد صغيرًا. أحد أصدقائي يمازحني دائمًا بقوله: ‘لم يعد أحد يصلّي لك بأن تُرزق حكمة تفوق سنك، بل باتوا يتضرعون أن تكون لديك الحكمة التي ينبغي أن يتحلى بها رجل عجوز مثلك!’
وهكذا، أَمضي في هذه الحياة، بين دهشة الذاكرة وواقعية الحاضر، أبتسم أحيانًا، وأتأمل كثيرًا… فما أسرع ما يمرّ العمر!
العشرون سنة الاولى في حياتك قد تبدو متوازنة ومحسوبة إلى حدّ ما وكأنك تستعد للإقلاع في رحلتك على قطار الملاهي وهو يصعد التلة الأولى ببطء ولكن إحذر! بقيّة رحلتك ستمّر عليك بسرعة شديدة وستصادف منحدرات ومنعطفات في طريقك، ولكنّها كلها تمّر بسرعة إلى أن تتوقف فجأة.

رحلة الحياة تجربة ممتعة لكنها لن تدوم طويلاً. لهذا السبب يحذّرك الكتاب المقدس مرارًا وتكرارًا عن قصر حياتك.
هذه الكلمات الكتابية تصف حياتك :
- أيوب 7: 7 « أَذكر أنّ حياتي إنّما هي ريح، وعيني لا تعود ترى خيرا.
- يعقوب 4: 14 .أنتم الّذين لا تعرفون أمر الغد! لأنّه ما هي حياتكم؟ إنّها بخار، يظهر قليلا ثمّ يضمحلّ.
- مزمور 102: 3 .لأَنَّ أَيَّامِي قَدْ فَنِيَتْ فِي دُخَانٍ، وَعِظَامِي مِثْلُ وَقِيدٍ قَدْ يَبِسَتْ.
- مزمور 103 : 15 – 16 .الإِنْسَانُ مِثْلُ الْعُشْبِ أَيَّامُهُ. كَزَهَرِ الْحَقْلِ كَذلِكَ يُزْهِرُ .لأَنَّ رِيحًا تَعْبُرُ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مَوْضِعُهُ بَعْدُ.
- يمكنك أيضا قراءة إشعياء 40 : 6-8، بطرس 1 : 24 -25.
الوقت يمضي سريعا
معظم الشباب لا يضيعون حياتهم عن قصد بل يهدرون الوقت على مواقع التواصل الاجتماعيّة. فهم يقضون ساعات عديدة على هواتفهم على التطبيقات الاجتماعية وهم ايضا يهدرون حياتهم في الالعاب وفي مشاهدة الافلام والمسلسلات.
كل هذا الوقت المهدور على الشاشات يَضيع من حياتنا. وهذا الامر يُشبِه الإدمان: لاحظ كيف دون وعي تجد نفسك تمسك هاتفك كل ما صحّت لك الفرصة. هذا الأمر يؤثر على العقل وعلى قدرتك على التركيز.

وهو أمر معاكس لمثال المسيح الذي في أيام شبابه في الجسد على الأرض كرّس نفسه للعمل للملكوت ( لوقا 2 : 49) وعمل أعمال الذي أرسله ما دام نهار. إذ يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل. (يوحنا 9 : 4)
الوقت يمضي سريعاً وعندما يزول، يزول إلى الابد. لا يوجد آلة زمنية تعود في الزمان الى الوراء لذلك لا يمكننا استعادة الوقت الضائع. لا شك عندي إنّ أكثر من نصف أيامي قد مضت وربما اقتربتُ إلى نهاية رحلتي، لذلك فإني أُريد أن أُحصي أيامي ( مزمور 90 : 12 9.)، أن افتدي الوقت ( أفسس 5 : 16 )، وأعيش كأن وقتي نفذ لأنها فعلا هذه هي الحقيقة لي ولك أيضا.
دع الانجيل يدفعك أن تفتدي وقتك أكثر في حياتك.