سِرّ التعزِيَة الحقيقيّة


مزمور 139: 17. ما أكرَم أفكارَك يا الله عِندي! ما أكثَر جُملَتَها!

سِرّ التعزِيَة الحقيقيّة

الله يعزيك في كل  ضيقاتَك. وكَيف يَفعَل هذا الأمِر؟
يبيّن لنا مزمور 139 أنه لا يعزينا بآية لم نقرأها، أو تجرِبة لم نُجرَّب بها. نحن نعيش في عالم يسعى لإختِبار التجارِب الروحِية الجديدة. ولكن الله لا يعزينا بأمِر غير مألوف بالنسبة لنا. وإنما يعزينا عندما نتأمَّل بالحقائِق الأساسِية التي أعلنها عن ذاته.

كتب الملك داود  المزمور 139، وكما تُظهِر الأعداد 19-22 لقد كانت حياتُه تحت الخطَر والتهديد حيث قال: يا رِجال الدِماء إبعِدوا عنّي.
داود، هذا الإنسان الروحي الذي يَعْلَم وصايا الله وحكمته الإلهية، والذي استخدمه الرَّب أيضًا لكي يكتُب البعض منها.
أين وجد التعزِية في وقت المِحَن؟

والأمر الذي نكتِشفُه في هذا المزمور أن داود وجد التعزية عندما جعل الحقائِق التي يعرِفها عن الله تصبح شخصية في حياتُه.

وأنت أيضا تستطيع أن تختِبِر تعزِية الله بالطريقة نفسها عندما تصلِّي وتتأمَّل بصفات الله وتجعلها تصبح شخصية بحياتك.

سِرّ التعزِيَة الحقيقيّة

نرى في هذا المزمور أن الله كُلِّي المعرِفة، ولكن داود لم يكتفي بهذا الأمِر وإنما حوَّل معرِفة الله الكُلِية إلى أمِر شخصي. ولما صلّى: لم يقل يا رب أنت تعلم كُل شَيء، لذلك أنت تعرفني. وإنَّما صلّى يا رَّب قد اختبَرتَني وعرَفتَني.

الرَّب يعرِفني لأنه اختبرني، هذه الكِلمة اختبرني هي التعبير المُستخدَم عندما تريد أن تِبحث على معادِن ثمينة بمنجَم. فالله اتخذ الوقِت ليبحَث بِمَنجَم حياتك، ويكتشِف كُل النواحي. فهو يعرِف أفعالك، أوقاتك، أفكارك، وكلِماتك. وهذا الأمِر مُخيِف إذا لم تختبر غُفران الخطايا الذي يعطيه يسوع، ولكِنُّه أمِر مُعزِّي إذا اختَبَرِت نِعمة غُفران الخطايا.

إنّ الربّ يعرفنا: هذه تعزيتنا.

يتابع داود بالتأمّل بمعرِفة الله له، إذ يقول عجيبة هذه المعرِفة! أي أنه أمر رائع أن تَعلَم أنَّ الله يعرفَك بهذه الطريقة. إذًا أين نبحث على تعزِيتنا؟ لا تبحث بعيدا كثير، تأمَّل بهذه الحقيقة البسيطة: “يا رب أنت تعرِفني”.


ولكن نرى صفة ثانية عن الله أيضا جعلها داود شخصيِّة بالنسبة له، وهي: حضور الله الكُلِّي. أو الله حاضِر في كُل مكان. (العدد 7- 12)

عندما صلّى داود في العدد 7 أين أذهَب من روحِك؟ ومن وجهِكَ كَيفَ أهرُب؟ لم يكن يحاول أن يهرُب، بالعكِس كان يصلِّي ويعبِّر عن حقيقة أن الله موجود في كُل مكان، غرباً أو شرقاً، على الأرض أو في السماء، إن كنتَ حيّ أو ميت، أولاد الله لا يقدرون أن يكونوا بعيدين عن حضور الله الدائِم الذي يقود الحياة ويحمي. لا موت، ولا أي مسافة أو ظُلمة تقدِر أن تفصلَك عن محبة الله وحضوره الدائِم. لذلك تستطيع أن تختِبِر حضور الله الدائِم معك بشكِل شخصي وتصَلِّي على هذا الأساس.


وأيضاً نرى صفة أُخرى عن الله  في هذا المزمور وهي أن الله مُتسلِّط. وفي الطريقة نفسها يقول داود أن سُلطان الله هو لأجلي. (13-16)

إختبَر داود الراحة عندما أدرَك أن الله كان موجود معُه حتى عندما كان في بطِن أمُّه قبل ولادته. حين كان ما زال في مرحلة التكوين، الله كان هُناك يقود العملِية كلها. العدد 16 من أجمل الأعداد في الكتاب المقدس رأت عيناك أعضائي، وفي سِفرِك كُلَّها كُتِبت يوم تصوَّرتُ، إذ لم يكُن واحِدٌ منها. تبيّن لنا هذه الأية أن من الولادة للموت الله يهتَم بحياة الإنسان، وبِشَكِل خاص يقود حياة المؤمِن. كوّننا بناءاً لقصدُه، وخطّط كُل نهار من حياتنا.

سِرّ التعزِيَة الحقيقيّة

الله مهتَم بك، إنتباهُه نحوَك! تأمَّل في هذا الأمِر عندما تصلي. سُلطان الله هو لأجلَك. لا تبحث على التعزِية والراحة بالهروب من واقِعك، ولكن تقدِر أن تلقى التعزِية بالأمور التي تعرِفها عن الله. إجعل صِفات الله تكون موضوع تأمُلاتَك واجعلها شخصية بالنسبة لك واختِبِر التعزية بشَخصُه.


مقالات ذات صلة