قوة الصداقة في المسيحية
من أجل التأمل ندعوك لتقرأ جامعة 4
“اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ… وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ”.
(جامعة 4: 9- 10)
يحبّ الرجال مساحتهم الخاصّة. وإحدى أوضح الاختلافات بين الرّجال والنّساء هي منهجيّة الصّداقة في حياتهم. الرّجال لا يريدون أن يُدعَوْا إلى “إجتماع الأفكار في مرحاض الرّجال”، لا شكرًا. ولا أن يكتُب لهم صديقهم رسالة صغيرة تنتهي بـ”صديقك المفضل للأبد”، وإلّا على الأرجح أن تكون انتهت الصّداقة بينهم، بدلًا من أن تتوطّد. الرّجال بالعادة يفضّلون الوحدة.

لكن حتّى لو أدركنا أنّ الصداقات بين الذّكور تختلف عن الصّداقات فيما بين الإناث، ما نزال بحاجة إلى أصدقاء مؤمنين بالمسيح. وأقول، نحتاج. تصف جامعة 4: 7-12 فوائد الصّديق الحقيقي ويعطي أيضًا تحذير شديد عن عزل أنفسنا عن الآخرين:”ويلٌ لمن يقف وحده” (4: 10).
نقرأ في سفر الأمثال أيضًا مدح واسع لقيمة الصّداقة الصالحة في عالم الإيمان (أمثال 17:7 ؛27: 17). إنّما لا نحصل على مفهوم شامل للشركة المسيحية حتّى نصل للعهد الجديد.
الشّركة الحقيقيّة تتطلّب تفاعل شخصيّ
إنّ كلمة شركة تبدو سهلة. تخلق في الفكر صوَر عشاء مع الأصدقاء، لعبة كرة قدم، أو حتّى سهرة ألعاب (علمًا بأن قد تكون هذه الأخيرة لا تلائم الكثير من الرجال). لكن، المصطلح الكتابي للشّركة أعمق من ذلك بكثير. فإنه يصف التّفاعل – أي أن يكون بين الأشخاص أمر “مشترك” (المعنى البسيط للكلمة اليونانيّة كوينونيا). عندما اجتمعنا بالمسيح (أفسس 2: 1-13)، في الوقت نفسه، اجتمعنا بالمؤمنين به (أفسس 2: 14-22).
والشركة تُظهِر هذا الاجتماع. فهي تتضمّن:

- تَسَاعُد بالماديّات عند الحاجة (رومية 15: 26).
- الشراكة في الكرازة بالإنجيل (فيليبي 1: 5).
- وحدانيّة عميقة بين المؤمنين بالإنجيل (فيليبي 2: 1).
الشّركة هي إحدى الممارسات الأربعة للكنيسة الأولى (أعمال 2: 42). لا يمكنك أن تقرأ الرّسائل من دون أن تُدهَش بالبُعد الاجتماعيّ المسيحيّ.
الصّداقة الحقيقيّة تتطلّب تعليم الإنجيل
إنّ الرّجال محترفون في التّحدّث عن كلّ شيء من أجل عدم التكلّم عن أي شيء. استمِع إلى معظم محادثات الرّجال في الكنيسة. نتكلّم عن الطّقس، الصّيد، السيّارات، الرّياضة، وإدارة الأعمال. باختصار، نتكلّم مع إخوتنا المؤمنين عن التفاهات نفسها الّتي نتكلّم عنها مع الغرباء. لكن لا يجب أن يكون الحال كذلك. تخيّل لو عندك أصدقاء مؤمنين يتكلّمون عن العظة بعد الاجتماع. تخيّل محادثات تتمحور حول كلمة المسيح (كولوسي 3: 16).
هكذا يجب أن يكون الحال. علينا أن نساهم في نموّ بعضنا البعض روحيًا كمجتمع من المؤمنين (أفسس 4: 11-16). علينا أن نشجّع بعضنا البعض، أن نحبّ بعضنا البعض، أن نعزّي بعضنا البعض، وأن نخضع لباقي الوصايا عن “بعضنا البعض”، الكثيرة التوارُد في العهد الجديد.
الصّداقة الحقيقيّة تتطلّب شفافيّة متواضعة
الشّركة تتطلّب أن نكون حقيقيّين. هناك الكثير من الرّجال الذين يأتوا إلى الكنيسة كلّ يوم أحد “بوجههم المستعدّ”. نقول لبعضنا البعض أنّنا “بأفضل حال، نشكر الرّبّ!”، لكنّنا لسنا كذلك. نشعر بالهزيمة، نتشاجر مع زوجاتنا، نخاصم أولادنا المراهقين، ونخسر الحرب ضدّ الإباحيّة. نحن لسنا بحاجة إلى إعتقاد أصدقائنا في الكنيسة أنّنا بخير؛ نحن بحاجة أن يُساعدونا حتّى نصبح بخير! علينا أن ننقذ إخوتنا الّذين يختنقون تحت وطأة الخطيّة (غلاطية 6: 1؛ يعقوب 5: 19- 20)، لكن لكي نستطيع أن نقوم بهذا الأمر، علينا أن نغذّي ثقافة الشفافيّة، فيها نقدر أن نعترف عندما نكون ضعفاء، أن نطلب الصلاة، وأن نتقبّل الإرشاد. بمعنى آخر، الشّركة.