“كلامك هو حق”: الحقيقة الثابتة في عالم مُتغيّر
القراءة من انجيل يوحنا الاصحاح 17
“كلامك هو حق.” يوحنا 17 : 17
نعيش في عصرٍ يشهد تحولات جذرية في مفاهيمنا الأساسية، بما في ذلك مفهوم الحقيقة. على مر العصور، دارت حوارات حول ماهية الحقيقة ففي العصور الوسطى والحديثة، تجادل الفلاسفة والمفكرون حول طبيعة الحقيقة ومدى امكانية معرفتها بشكل مطلق.
ومع ذلك، فإن الفكرالمعاصر يشكك بوجود” الحقيقة ” بذاتها
من جانب آخر، شهدنا في العقود الأخيرة تأكيدًا متزايدًا على أهمية حرية التعبير
و حق التعبير عن كل رأي و كونه على حق حتى لو كان يفتقر إلى أي دليل.
ومما يثير الاستغراب، هو أن الكثيرين ممن يدعون بعدم وجود اي حقيقة مطلقة ، يؤمنون بشكل قاطع بأن هذا المفهوم نفسه هو حقيقة مطلقة.
في القرن التاسع عشر و القرن العشرون اعلن بعض الناس ان ” الله هو ميّت ” أما في القرن الحادي والعشرون اصرّ البعض على أن الحقيقة بذاتها قد ماتت او ان لم تكن ميتة على الاقل فهي قابلة للتغيير و ليست مطلقة . بحسب ما يعتقد هؤلاء فلا يوجد اجابة واحدة صحيحة لسؤال بسيط بل يوجد عدة احتمالات لهذا السؤال و “الرجل” و “الإمرأة “هما مفاهيم اجتماعية فقط و ليست حقائق بيولوجية مطلقة كما أنّ حماية الحيوانات اساسي و لكن اجهاض الاطفال مسموح به
و بما يخص الديانات فجميعها على حق بالنسبة لهم :فيدّعون ان اذا كان لديك انت مفهومك الخاص عن الحقيقة و انا لدي مفهومي الخاص لا داعي للجدال عمّن هو على حق اكثر فكلانا على حق ! كل شيء صحيح و لا شيء صحيح و الحقيقة ميتة …
الا ان الحقيقة ما زالت بالفعل حيّة و كما قال جزن آدمس : الحقائق عنيدة , قد لا تؤمن بالجاذبية الا انها ستحملك على وجه الارض حتى لو لم تعترف بوجودها .
كما ايضا ذكر مارك توين : الاعلانات التي تقّر ان الحقيقة ماتت مبالغ بها جدا .
قدّم المسيح اعلانات عن الحقيقة طوال فترة خدمته . كان يبدأ كلامه عند تقديمه هذه الاعلانات المهمة بجملته الشهيرة : ” الحق الحق اقول لكم ”
قد نبّه تلاميذه و المؤمنين من الكذب , المعلّمين الكذبة , و التعاليم الخاطئة ( هذا الامر مهم و ضروري لأن بالرغم من وجود الحقيقة الا ان الاكاذيب و الاخطاء موجودة ايضا . لكل انسان الحرية بالايمان بالخطأ و لكنه سيبقى خطأ)
اعلن المسيح عن كونه تجسد الحقيقة : ” انا هو الطريق و الحق و الحياة . ليس احد يأتي الى الآب الا بي ” ( يوحنا 14 : 6 )
و هو شدّد على ان كلمة الله هي الحق ( يوحنا 17 : 17 ) هي لا تحتوي
على الحقيقة و هي ليست مجرّد نسخة عن الحقيقة بل هي الحقيقة نفسها .
ما يحتاجه هذا العالم المجنون هو اشخاص ملتزمة و امينة للحق الذي هو كلمة الله
. صلاتي ان يجعلك الله شخص هكذا , ان يمنحك شجاعة و قوة و فضول لمعرفة الحقيقة كما هي معلنة في الكتاب المقدس و جرأة للتكلم عن الحق للمحتاجين سماعه .
قبل حوالي خمسة مئة سنة, سنة 1521 , استدعي مارتن لوثر للمثول امام مجلس في مدينة فورمس في المانيا بتهمة الهرطقة من قبل الكنيسة الكاثولكية الرومانية و كانت حياته مهددة بالخطربسبب ذلك.
طلب منه ان يرتدّ عن تعاليمه و ينكر الامور التي كتبها عن أخطاء الكنيسة و عن خلاص المسيح يسوع .
شكرا لله أن كان لوثر يتميز بالقوة , فكان جوابه مثال كامل للشجاعة و للامانة للحق فهو قال: “ما لم أكن مقتنعا بشهادة الكتاب المقدس أو للمنطق ، فأنا ملزم بالكتاب المقدس الذي اقتبسته ، وضميري أسير بكلمة الله لا أستطيع ولن أتراجع عن أي شيء لأنه ليس من الآمن ولا من الصواب أن أخالف هذا الضمير. ليكن الله في عوني , آمين “
آمين و ليكن الله بعوننا نحن ايضا لنقف مع و للحق دائما .
ليكن انجيل الله حافزا مشجعا لك لمعرفة و الدفاع عن حق الانجيل