هل تجرؤ على مُعاتبة الله
ندعوك لتقرأ أيوب 38: 1 -40: 14.
الآنَ شُدَّ حَقْوَيْكَ كَرَجُل. أَسْأَلُكَ فَتُعْلِمُنِي.
أيوّب 40: 7

هل تجرؤ على مُعاتبة الله
هل تجرؤ على مُعاتبة الله. الرجال الّذين يُعانون – حتّى الرّجال الّذين يَهابون الله – يعرِفون معنى التّعامل مع المرارة تِجاه الله. أيّوب عانى حقًا، وأيّوب فعلًا صارع مع عدالة الله. ومع أنّ جواب أيّوب تجاه معاناته كان مثاليًا، لم يكُن الجواب كاملًا بالمُطلق. كان أيّوب إنسانًا عظيمًا، إنّما إنسانًا لا أكثر. خلال معاناته، كان هناك بعض المرّات عندما أجاب أيّوب الله بِـ : ” اتركني وشأني” (أيوب 7: 11- 12)؛ ” كُفّ عن إدانتي وأنا بريء” (10 : 1- 7)؛ ” أريد أن نذهب إلى المحكمة، وأعلم أنّني على حقّ” (الإصحاح 13)؛ “أنت غير عادل معي” (الإصحاح 24)؛ “أنا لا أستحقّ كلّ هذا” (الإصحاح 31)
لم يفعل أيّوب أبدًا ما كان قد قال إبليس أنّه سيعمل (1: 11)؛ لكن اتّهم أيّوب الله (كما جاء بقلم ديريك كيدنر) بـ “التّنمّر” و”قساوة القلب المُتقصّدة” (حكمة سفر الأمثال، أيّوب وجامعة، ص. 64 -65).
إلى أيّ نوع من الإرشاد إحتاج أيّوب خلال مِحنَته؟
بالتأكيد ليس إلى النّوع الّذي قدّمه له “أصدقاؤه”! بل احتاج أيّوب إلى حكمة لا يقدر أن يمنحها أي إنسان مرشد. جاء إليه الله بطريقة مُرعِبة – “فَأَجَابَ الرَّبُّ أَيُّوبَ مِنَ الْعَاصِفَة” (38: 1). قال لأيّوب، ” شُدَّ حَقْوَيْكَ كَرَجُل” (38: 3).
ردًا على تحدّيات أيّوب الجريئة، بدأ الله يسأله أسئلة يصعُب عليه جدًا الإجابة عليها، “أَيْنَ كُنْتَ حِينَ أَسَّسْتُ الأَرْضَ؟” (38: 4 -7) ” هَلْ فِي أَيَّامِكَ أَمَرْتَ الصُّبْحَ؟” (38: 12 -15) ” أَدَخَلْتَ إِلَى خَزَائِنِ الثَّلْجِ…؟” (38: 22 -24)” أَمِنْ فَهْمِكَ يَسْتَقِلُّ الْعُقَابُ وَيَنْشُرُ جَنَاحَيْهِ نَحْوَ الْجَنُوبِ؟ أَوْ بِأَمْرِكَ يُحَلِّقُ النَّسْرُ وَيُعَلِّي وَكْرَهُ؟ ” (39: 26 -30) نحو آخر الإصحاح 39، كان الله قد سأل أيّوب حوالي ثمانين سؤالًا، خاتمًا بـ: “هَلْ يُخَاصِمُ الْقَدِيرَ مُوَبِّخُهُ، أَمِ الْمُحَاجُّ اللهَ يُجَاوِبُهُ؟” (40: 1).
تاب أيّوب حينها مباشرةً وأغلق فمه، مُنهَكًا بفعل الوابِل الموجّه إليه من الله. لكن الله لم يكُن قد انتهى منه بعد. لقد واجَهَ الله أيّوب بالكثير من أسئلة أخرى عن المخلوقات المُرعِبة (40 الإصحاحات 40 -41).
لقد استسلم أيّوب بحكمة، مُعترفًا بأنّ رؤية قُدرة الله وضعفه، هو تمامًا ما كان يحتاج إليه (42 : 1 -6). إحتاج أيّوب إلى مقابلة جديدة مع الله ذي السّلطان (42: 5)، كما يحتاج كلّ قدّيس يخوض مِحنة. إنّه لَأمْرٌ تعليميّ، أنّ الله اختار أن يُركّز على سلطانه بدلًا من أن يُركّز على محبّته في جوابه لأيّوب.
الله، في خطابه الذّروة (الإصحاحات 38 – 41) لم يسأل أيّوب، “ألا ترى كم أنا صالح؟ ألا تذكر كيف وهبتُك الغنى والنّجاح والأولاد؟ ألا تعلم أنّ مُعناتِك كان ممكن أن تكون أصعب من ذلك بعد؟” كلّ هذه الأمور صحيحة. الله بالطّبع كان “رؤوفًا ورحيمًا” ( يعقوب 5: 11). لكن في ذلك الوقت، لم يحتاج أيّوب إلى معرفة عمق محبّة الله، بل احتاج إلى تذكير متواضع عن سلطان الله. كان بحاجة لأن يهاب الله بعمقٍ أكبر – ولأن يتذكّر أنّهما ليسا بنظيريْن.
