المغامرة في انتظارك!


القراءة من سفر التكوين 1 : 26-31.
وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا تكوين 2 : 15

المغامرة في انتظارك

أوّل أمرٍ إلهي أعطاه الله للبشرية كان أمرًا عظيمًا: “تسلّطوا على كل المخلوقات” (تكوين 1: 26). وقد كرّر الله هذا الأمر ثلاث مرات على الأقل (تكوين 1: 26، 28-30، 2: 15)، ليوضح أن مُهمّتنا هي إدارة النظام المخلوق نيابةً عنه. هذا الأمر ليس مجرد وصيّة قديمة، بل يحمل معنى تحريريّ ومُغيّر لحياتنا اليوم! فهو يُذكّرُنا أنَّ عملنا اليوميّ له قيمة أبدية. عندما تفكر في مِهنتك أو دِراستك، إسأل نفسك: كيف أمارس التسلط الذي أوكله الله لي هنا؟

أولاً، يريد الله أن تجد معنى في عملك:

كيف يبدو تطبيقك للتسلّط هناك؟
الزراعة، الاقتصاد، الطب، الهندسة، الكيمياء، التعليم، التكنولوجيا، تربية الأطفال، الرعاية الرعوية، وحتى التنسيق بين الناس — كلها مجالات يشرّعها الله لتكون ساحات طاعة وعبادة. في وقتٍ من الأوقات، كان من الشائع أن يتم تصنيف “المهن التي هي خارج الخدمة” بأنها “دنيويّة“. لكن أن تخدم الله في مجال اهتمامك وخبرتك هو عمل طاعة. عندما تعمل بإتقان وأمانة — سواء كُنتَ مُبرمجًا، مُعلّمًا، أو عاملًا بسيطًا — فإنك تقدم عبادة لله، لأنك تعكس صورته في رعايته وخلقه ونظامه.

 ثانيًا، يريد الله أن تستمتع بعالمه.

نحن نعيش في عالم ساقط، عالم أُوكِلَ إلينا وكسرناه. ولكن، حتى في سقوطه، يصرخ العالم بجمال وصلاح وإبداع الله. وبما أننا مخلوقون على صورته، نحن وحدنا القادرون على الاستمتاع بهذا العالم بطريقة فريدة. لذا، استمتع به!

كيف يبدو ذلك؟ إستخدم خيالك: سافر حول العالم، ضع قائمة أمنيات، خطط لرحلة سفاري، أبحر في نهر النيل، تجوّل في متحف اللوفر، امشِ على سور الصين العظيم، والتقط صورة بجانب الأهرامات. نمّ حس المغامرة، أشبع شغفك بالاكتشاف، كَوِّن ذوقًا في الموسيقى الراقية، كن من محبي الطعام، تعلم كيف تقدّر الفن، إقرأ، إستكشف العالم الرائع الذي خلقه الله لنا (1 تيموثاوس 6:17).

لكن، كل هذه المتع لن تُشبعك بالكامل. كثير من المثقفين والرَحّالة اكتشفوا أن كل ما في العالم باطل ولا معنى له (انظر سفر الجامعة). لكن الإشباع الحقيقي لا يأتي من الخليقة، بل من الخالق. وحده المسيح، المخلّص، قادر على أن يملأ النفس حقًا (يوحنا 4:13-14). وعندما تعرفه وتجعل منه محور حياتك، حينها فقط يمكنك أن تستمتع بكل ما خلق الله بفرح حقيقي وبمعنى كامل.

وأخيرًا، يريد الله منك أن تدمج بين السيادة والمأمورية العظمى.

تفويض السيادة مهم، لكن المأمورية العظمى أساسية. فقد دعا الله كل مؤمن ليكرّس حياته لصنع التلاميذ في كل أنحاء العالم: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم…» (متى 28:18–20). لقد جَنَّدنا في جيشه، وأمرنا أن نَكرِز بالإنجيل في كل مكان (مرقس 16:15).

بالنسبة للبعض، قد يعني هذا أن تجعل الإرسالية مهنتك الأساسية، أما للكثيرين، فتعني أن تجعلها جزءًا من حياتك اليوميّة ومهنتك. ليس عليك الاختيار بين مسيرة مِهنيّة ناجحة والعمل الإرسالي. بل يمكن لمهنتك أن تفتح لك أبوابًا مغلقة تمامًا أمام طرق الإرساليات التقليدية.

مهاراتك واهتماماتك الموهوبة لك من الله — والمُكرّسة ضمن تفويض السيادة — يمكن أن تأخذك إلى كل أنحاء العالم، ليس كسائح، بل كمُرسَل يخدم ويؤثِّر. هذا هو مستقبل الإرساليات، وقد يكون هذا مستقبلك أنت أيضًا!


مقالات ذات صلة